محمد رشاد (وَردَةٌ علَى ضَريحٍ - 1)
رَأيتُهــــا مرأَى الخاطرِ ذاتَ يَــومٍ مــــن ربيــــع عامَ 2004 تحنـو على ضريـــحٍ في قِيـعَةٍ أجْدَبَ من الخريف ، وتنفضُ على سمعِ قاطِنِه نفثاتٍ ظلَّت تَتَسَحَّبُ وقد فضَّ القَفرُ ولُعابُ الشَّمسِ أوراقَها اللُّدنَ ، وانقَضَى - ولَم تَنقَضِ - عُمرُها العابِرُ القصير .
حنَّت على ضفَّــــة التِّـرحَــال وانبَـعَـــثَــتْ
رَفَّــافَــــةَ الخَـطــرِ فـي جَبَّــــانَةِ التِّيــــــــهِ
وآنَـسَــتْ فــي ظِـــلالِ المَــوْتِ وَحْشَتَــــــهُ
أُنــْـــسَ الشِّهَـــابِ دُجونَ اللَّيــْــلِ تُذكيـــــهِ
لولَا ابْتِــــدارُ الجَنَى مَا رابَـهَــــــا رَهَـــــبٌ
ذَودٌ عَن الــــوَردِ شَــوكٌ في تَصَبِّــــــيـــــهِ
فتَّــــــــانَـــةٌ لِلُـــــعابِ الشَّمـــسِ تَمْـحَـضُـهُ
حَسْــوَ النَّــــدَى خَطــــراتٍ مِـنْ تَشَهِّـــــيهِ
كـــالخَـمْـرِ في الكأسِ إلَّا أنَّهَـــــــأ قَبَــــــسٌ
مِنْ فَــوْرَةِ الـــوَجْــدِ نَـــدَّتْ مِنْ تَفَـرِّيـــــــهِ
حَمراءُ كَالجَمـرِ وافَـــى هَــامَهَــــا بِــوَحًـى
مُدهَّـــــامُ خُضرَتِهَــــا لو أن خَلَــت تِيهـــي
مِــا ضَرَّ مَنْ قَــد حَواهُ القَبْـــرُ لَـــو زفَـرَتْ
زَفــــرَ اللَّهــــــيـفَةِ أنْفــَــــاسًــــا تُؤَسِّيــــــهِ
رَجَّافَــــــةٌ وغُبَـــــارُ الــرَّمسِ يَمحَضُهـــــا
بَثَّ الضَّجيـــعِ شجونًــــا مِــنْ تَشَكِّيــــــــهِ
تـــأوَّدَتْ فَــــوْقَ جَــــافِيــــهِ وساوَرَهـــــــا
مِـــنَ الرِّثَــــــاءِ نُزاءٌ لَيْــــسَ تُخْفِيــــــــــهِ
كَأنَّهــــــا الظِّئــرُ حَنَّـتْ لِلرَّضيعِ شَكَــــــــا
فَـوتَ الـــرَّضاعِ فأحْنَــتْ مَـــا تُخَلِّيـــــــــهِ
وألقَمَتــــهُ رَطيــــبَ الثّــــــديِ يَمْصَـــــدُهُ
مَصدَ اللَّهيــــفِ يَدوفُ الرَّسْلَ في فِيــــــهِ
وناوَلَتْــــهُ شِفَاهًــــــــــا لَــــو تَرَشَّفَهَــــــــا
في النَّزعِ ذو الغُلَّـــــــةِ اللَّهـــفانُ تُحييـــــهِ
مــا إنْ دَرَتْ ونُفـَــــاثُ المَوتِ يَحصِبُهــــا
أنَّ البَهَـــــاءَ هَبَـــــاءٌ حِيــــنَ يُـذْرِيـــــــــهِ
فاستَعبَرَتْ وقَضَتْ قَهْـــــرًا ورَقرَقَهَــــــــا
لِلتُّـــرْبِ مِثْـــلُ نثــــارِ الـدَّمعِ مُجريــــــــهِ
(محمد رشاد محمود)
..................................................................................................
تَصَبّت المرأةُ الرَّجُلَ : شاقَتْهُ ودعَتهُ إلى الصِّبا ، فحَنَّ إلَيها .
تَفَرَّى : انْشَقَّ . وتَفَرَّت العَينُ : انبَجَسَتْ .
تؤَسِّيهِ : تُعَزِّيهِ . تَأوَّدَتْ : انعَطَفَتْ .
المَصْدُ : المَصُّ والرَّضاعُ . يَدوفُ : يَخلِطُ ويَبلُّ . والدَّوْفُ : الخَلطُ والبَلُّ بماءٍ ونَحوِه .
الرِّسْلُ (بكَسر الرَّاء المُشَدَّدَة) : اللَّبَن - والمقصودُ : يرضَعُ اللبَن ويخلِطُه بِريقِه مُستَلِذًّا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زجل مغربي.....يزيد علوي اسماعيلي

كوجه القمر بقلم الشاعر محمد الدارجي